بطانة الرحم المهاجرة واحدة من أكثر الأمراض شيوعاً لدى النساء، والتي ترتبط دائماً بتأخر الحمل، وتكمن المشكلة الأساسية في هذا المرض في توقيت اكتشافه، فالعديد من النساء يرفضن أو يهملن القيام بفحوصات ما قبل الزواج التي تساعد في اكتشاف العديد من الأمراض التي تسبب تأخر الحمل أو العقم، والتي لو تم اكتشافها مبكراً لتم علاجها دون التسبب في الضغوط النفسية التي تنتج حال اكتشاف تلك الأمراض في مرحلة ما بعد الزواج، والحالة النفسية للمرأة تؤثر كثيراً على الهرمونات الموجودة بالجسم، والضغوط النفسية الناتجة عن تأخر الحمل تتسبب في تدهور الحالة الصحية للمرأة على كافة الأصعدة، لذلك يجب الاهتمام والتوعية بإجراء فحوصات ما قبل الزواج، لتدارك وعلاج تلك الأمراض قبل تفاقمها.
ومرض بطانة الرحم المهاجرة يمثل وحده نسبة كبيرة من مسببات منع أو تأخر الحمل لدى السيدات، وبالرغم من سهولة علاجه في الوقت الحالي إلا أنه في حال اكتشافه مبكراً واتباع بروتوكول علاجي يحدده طبيب متخصص فإنه لا يمثل عائقاً أمام حلم الأمومة، خاصة في ظل التطورات العلمية السريعة التي يشهدها العالم في الوقت الراهن في مجال الفحوصات الطبية واكتشاف وعلاج الأمراض.
ما هي بطانة الرحم المهاجرة؟
بطانة الرحم المهاجرة والتي تعرف أحياناً بـ "الانتباذ البطاني الرحمي " تصيب ما يقرب من 5% إلى 10% من النساء اللاتي في عمر الخصوبة، وتحدث نتيجة نمو أنسجة مشابهة للموجودة في بطانة الرحم، على الرحم من الخارج، وتلك الأنسجة تظل في النمو خارج تجويف الرحم، ولأنها تتشابه في تكوينها تكوين أنسجة الرحم الداخلية فإنها تسبب نزيفاً عقب كل دورة شهرية لكن مع وجود آلام حادة، ونتيجة لنمو تلك الأنسجة بشكل مستمر وعدم قدرتها على الخروج من الجسد فإنها تتمدد وقد تنمو على المبيضين أو قناة فالوب وهما المكانين الأكثر عرضة للخطر والإصابة، الأمر الذي قد ينتج عنه الإصابة بالعقم أو تأخر الحمل، وفي بعض الحالات النادرة فإن تلك الأنسجة قد تنمو على الأمعاء، المهبل أو عنق الرحم.
وقد يترتب على تلك الأنسجة الإصابة بالخراجات على الرحم، أو التي تعرف في بعض الأحيان بأورام بطانة الرحم، والتي في النهاية تؤدي إلى انسداد أنسجة الحوض.
ما هي أعراض بطانة الرحم المهاجرة؟
تختلف أعراض الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة من سيدة لأخرى، وفقاً لمدى الإصابة ووفقاً لعدة عوامل أخرى تتعلق بالسيدة المصابة نفسها، كالسن، فالبعض قد تشعرن بآلام خفيفة وبسيطة والبعض قد يشعرن بآلام حادة لا يمكن تحملها، لكن في الغالب فإن المصابات ببطانة الرحم المهاجرة يشتركن في بعض الأعراض، وهي:
- ألم شديد أثناء ممارسة العلاقة الزوجية.
- التبول المتكرر والإحساس بآلم عند التبول.
- ألم في منطقة الحوض، تزداد شدته أثناء الدورة الشهرية.
- حدوث إضطرابات فى الأمعاء.
- الشعور بآلم أسفل الظهر.
- إرهاق دائم.
- نزيف غزير أثناء الدورة الشهرية.
- أعراض أخرى كالإسهال أو الإمساك أوالشعور بالغثيان.
ما هي أسباب الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة؟
على الرغم من عدم وجود سبب محدد بدقة للإصابة ببطانة الرحم المهاجرة، إلا أن الكثير من العلماء والمتخصيين أشاروا إلى 6 نقاط قد تنتج عن إحداها الإصابة، وهم:
- نظرية الحث، والتي تعرف في بعض الأحيان بـ "تحول الخلايا الصفاقية"، وفي هذه الحالة المرضية تلعب الهرمونات أو العوامل المناعية الأخرى، دوراً سلبياً في نمو بطانة الرحم المهاجرة، حيث أنها قد تساهم في تشابه الخلايا التي تبطن الجانب الداخلي من البطن إلى خلايا تتشابه في تكوينها مع خلايا بطانة الرحم.
- الإصابة بالحيض الارتجاعي، وحال الإصابة بهذه الحالة المرضية فإن دم الحيض الذي يتضمن خلايا بطانة الرحم يتدفق إلى جوف الحوض بدلا من الخروج من الجسم، ونتيجة لهذا الأمر تلتصق خلايا بطانة الرحم في أسطح أو جدار جوف الحوض، وتستمر تلك الخلايا في النمو والسماكة عقب كل دورة شهرية
- الإصابة بتحول الخلايا الجينية، وتنتج نتيجة تحول بعض الهرمونات مثل الإستروجين في المراحل المبكرة من النمو.
- التصاق بعض خلايا بطانة الرحم بالشق الجراحي الذي ينتج عقب إجراء عملية جراحية في منطقة الحوض أو البطن.
- وجود إضطرابات في الجهاز المناعي، قد ينتج عنها عدم قدرة الجهاز المناعي على التعرف على نسيج بطانة الرحم.
- انتقال خلايا بطانة الرحم عبر الأوعية الدموية عن طريق الخطأ.
ما السن الذي تكثر فيه الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة؟
لا يوجد سن محدد للإصابة ببطانة الرحم المهاجرة لكن الإصابة بها تكثر عند السيدات في بداية العقد الثالث.
ما مضاعفات بطانة الرحم المهاجرة؟
- تأخر الحمل يعد من أهم المضاعفات الرئيسية للإصابة ببطانة الرحم المهاجرة، فكثير من النساء قد تنعدم فرصهن في الحمل والإنجاب بشكل طبيعي حال إصابتهن ببطانة الرحم المهاجرة، نتيجة لتسبب هذا المرض في منع البويضة من الوصول إلى الحيوان المنوي حتى تتم عملية الإخصاب، أو في بعض الأحيان الأخرى قد تتسبب في تلف الحيوان المنوي أو البويضة.
- الإصابة بسرطان المبيض تكون نسبته أعلى عند النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة عن غيرهن.
متى تكون الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة خطرة؟
- وجود إصابة لأحد أفراد العائلة بهذا المرض في وقت سابق.
- أن تتم مرحلة البلوغ في وقت مبكر.
- طول مدة النزيف الناتج عن الدورة الشهرية لأكثر من 7 أيام.
- وجود نزيف بين الحيض والحيض الذي يليه.
- تأخر الحمل.
- وجود مشكلة في قناة فالوب أو الرحم.
- إنخفاض مستويات الأكسجين في الجسم.
ما هو علاج بطانة الرحم المهاجرة؟
يعتمد علاج بطانة الرحم المهاجرة بشكل أساسى على نوعين من العلاج هما الجراحة والأدوية، ويقوم الطبيب المعالج وحده بتحديد طريقة العلاج الملائمة وفقاً لسوء الحالة المرضية التي يعالجها، ووفقاً للعوامل التالية:
- الرغبة فى حدوث الحمل.
- حجم وموقع الورم.
- تقدم العمر حيث تزداد شدة الأعراض كلما تقدم العمر
- شدة الأعراض.
- الغرض من العلاج يكمن فى محاولة الحد من نشاط تلك الخلايا، إما عن طريق إستئصالها جراحياً أو عن طريق العلاج الدوائى.
العلاج بالحمل
ويعد الحمل هو أحد وسائل علاج بطانة الرحم المهاجرة حيث يحدث ضمور لأنسجة البطانة خلال فترة الحمل ما يليها من توقف الدورة الشهرية. ولكن لا يعد هذا الحل ملائم لجميع الحالات بالإضافة إلى أن حدوث الحمل يكون أكثر صعوبة من علاج المرض نفسه.
والطريقة لإستخدام مثل هذا الحل هو اللجوء لعمليات الحقن المجهري واطفال الانابيب حتى نضمن إرتفاع نسب حدوث الحمل.
العلاج الهرموني
يعتمد العلاج الهرمونى على الحد من نشاط بطانة الرحم وإضعافها ومن أمثلة العلاج الهرمونى: حبوب منع الحمل التى يتم تناولها بشكل مستمر حتى تتوقف الدورة الشهرية وتقل أعراض المرض. ولكن نتائج هذه الطريقة محدودة.
وأحد وسائل العلاج الهرمونى الاخرى هو الحقن التى تقوم بتثبيط نشاط الغدة النخامية فيما يتعلق بالهرمونات المسئولة عن تحفيز المبيض. وبالتالى يصبح الرحم والمبايض فى حالة خمول وهو ما يشبه أعراض مرحلة سن اليأس.
ما سبل الوقاية من الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة؟
- عدم تناول أدوية منع الحمل المتوافرة في الصيدليات إلا عقب استشارة طبيب متخصص.
- ممارسة الرياضة بإنتظام، نظراً لدورها المؤثر إيجاباً على كافة أعضاء الجسم والهرمونات الموجودة بالجسم.
- الإمتناع عن شرب المواد الكحولية، نظراً لتسببها في ارتفاع هرمون الإستروجين الذي يزيد من فرص الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة.
هل الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة تمنع الإنجاب؟
من الممكن أن تؤدى بطانة الرحم المهاجرة إلى تأخر الحمل لأنها قد تسبب ضرر بالمبيضين أو إنسداد بقنوات فالوب. حيث أثبتت بعد الدرسات أنه تقل نسبة الخصوبة بنسبة 3% من الزوجات المصابين بداء بطانة الرحم المهاجرة. ولكن لا يعنى ذلك بالضرورة أنه لا توجد فرصة لحدوث الحمل الطبيعى. حيث يعتمد ذلك على مدى تأثير المرض على الصحة الإنجابية.
تعرف أكثر من خلال الفيديو مع دكتور إسماعيل أبو الفتوح